منتدى العلوم السياسية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العلوم السياسية منتدى لكل طلبة العلوم السياسية في الجزائر و الوطن العربي.


    الدولة: ماهيتها, تطورها عبر التاريخ ...

    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 45
    تاريخ التسجيل : 02/09/2008
    العمر : 37

    الدولة: ماهيتها, تطورها عبر التاريخ ... Empty الدولة: ماهيتها, تطورها عبر التاريخ ...

    مُساهمة  Admin الأربعاء سبتمبر 03, 2008 2:01 am

    ماهية الدولة :
    في الواقع فإن مصطلح الدولة معناه الحديث لم يكن موجودا على عهد اليونان أو الرومان . ويمكن القول أن هذا المصطلح كما يستعمل في الوقت الراهن هو حديث نسبيا مكيافيللي أول من أدخل مصطلح الدولة في علم السياسة ، كما ظهر في كتابة الأمير ، حيث اعتبر أن كل القوى التي كانت لديها سلطة على جميع الأفراد في علم السياسة هي دولا سواء كانت ملكية أو جمهورية .
    و في الوقت الراهن يحاول علم السياسة البحث عن تحليل الدولة تحليلا علميا ليس كمفهوم مجرد و إنما باعتبارها حقيقة واقعة . و في نفس الوقت يحاول دراستها بأسلوب موضوعي و بروح الشك العلمي بعيدا عن التعصب الأيديولوجي .
    و لقد تعددت تعريفات الدولة في هذا المجال فتتفق تعريفات " فوشيه وديفو" على أن عناصر الدولة تتمثل في مجموعة من الأفراد و الإقليم و السلطة التي يخضعون لها و لها مهام متعددة من أهمها خدمة الصالح العام لهؤلاء الأفراد .
    و يسير كل من " كابلان و لازويل " في نفس هذا الاتجاه حيث يعرفان الدولة على أنها جماعة إقليمية ذات سيادة .
    و يعرفها " ماكيفر بيج " على أنها تتميز عن كافة التنظيمات أو الروابط الأخرى بتمتعها بحق استخدام القوة العليا و القهر .
    و يعرفها كل من بطرس غالي و خيري عيسى بأنها جماعة من الأفراد يقيمون بصفة دائمة في إقليم معين و تسيطر عليهم هيئة منظمة استقر الناس على تسميتها بالحكومة .
    و بالرغم من تعدد التعريفات إلا أنها تسير في اتجاهين :
     الأول يعرف الدولة تعريفا واسعا في ضوء الوظائف و الأغراض و الطاعة .
     الثاني يعرفها في ضوء تحديد العناصر الضرورية اللازمة لقيام الدولة ، و يتفق أصحاب هذا الاتجاه على أن عناصر السكان و الإقليم و الحكومة و السيادة تمثل المقومات الرئيسية للدولة .
    إلا انه يجب التفرقة بين الدولة و المجتمع ، الدولة و الشعب ، الدولة و الأمة ، الدولة و الحكومة .
    1- الدولة و المجتمع : إن الباحث في علم السياسة يجب عليه التفرقة بين الدولة و المجتمع . فالإنسان كائن اجتماعي يعتمد على مجموعة متداخلة من الجماعات و الروابط التي ينتمي إليها . و المجتمع مركب من العلاقات الاجتماعية تشكلت و نمت من خلال تلك الروابط و الجماعات ، و تتحد العلاقات الاجتماعية بما يمكن تسميته بالوعي المتبادل . و المجتمع يشمل هذه العلاقات الكلية .
    من الناحية الزمنية فإن المجتمع سابق على تكوين الدولة ، فلقد عاش الناس في المجتمع البدائي و هو أحد أشكال المجتمع و لم يكن عندئذ قد ظهر شكل الدولة رسميا .
    و من الناحية الوظيفية تقوم الدولة بفرض الإطار القانوني و غرضها الرئيس الحفاظ على النظام العام . أم المجتمع فينجز وظائف متعددة لاستمرار الحياة الاجتماعية .
    و من الناحية البنائية فهما مختلفان أيضا ، حيث ينتمي أفراد المجتمع إلى كيان تنظيمي واحد من الناحية الرسمية هو الدولة . بينما ينتمون إلى العديد من الكيانات غير الرسمية مثل الأسرة ...
    و من ناحية أسلوب العمل ، فبينما تعتمد الدولة على أسلوب الإلزام يعتمد المجتمع على أساليب الإقناع و العمل التطوعي و الاختياري .
    2- الشعب و الدولة : إن الشعب مجموعة من السكان يعيشون مستقرين على أرض معينة و تربطهم يبعضهم البعض صلات روحية حلت محل روابط الأسرة و القبيلة و غيرها من روابط الدم . ويؤدي كل فرد في الجماعة المذكورة و الشعب عملا مفيدا .
    و أهم السمات المميزة للشعب روح واحدة تقوم على الماضي و الحاضر و ميراث الجماعة و ذكرياتها و معتقداتها و أفكارها و مشاعرها و إحساساتها المشتركة .
    3- الأمة و الدولة : إن الأمة جماعة متماسكة وفق نظامها الاجتماعي و هي بلا أرض مهينة لها . وهي جماعة من الناس تربط بينهم روابط وحدة العرق و اللغة و الدين الخ ، و تجمعهم مشاعر واحدة تطورت عبر الزمان .
    في حين أن الدولة لا تعدو أن تكون أكثر من وحدة سياسية قانونية .فلأمة أكثرا تعقيدا و تركيبا من الدولة .
    كما أن الأمة ليس لها تنظيم قانوني ، على خلاف الدولة التي تمثل أعلى المجتمعات السياسية و أكثرها تعقيدا و كمالا .
    4 الدولة و الحكومة :
    - إن قوة الدولة أساسية و أولية ، بينما سلطة الحكومة مشتقة و مفوضة من قبل الدولة .فالحكومة هي أحد مقومات الدولة .
    - إن الدولة تشمل تجمعا من السكان داخلها ، بينما تشمل الحكومة جزء من المكان فقط .
    - إن الحكومات تأتي و تذهب و يمكن أن تتغير ، إلا أن الدولة إذا انتهت فإنها تنتهي إلى الأبد . و لا تتأثر الدولة بتغير الحكومات .
    ب‌- مقومات الدولة : اتضح مما سبق أن مقومات الدولة تتحدد في أربع عناصر أساسية هي السكان ، الإقليم ، الحكومة ، السيادة . و نتناول فيما يلي هذه العناصر المتفاعلة :
    1- السكان : الدولة كيان إنساني و بالتالي فإن السكان يمثلون العنصر الظاهر لها . و قد اختلفت آراء الكتاب السياسيين حول حجم سكان الدولة ، فلقد وضع كل من أرسطو ، وروسو حدودا على عدد السكان ، فعلى سبيل المثال حدد روسو عدد السكان بعشرة ألاف ، بينما يرى أرسطو انه ينبغي أن يكون عدد السكان كافيا لإدارة الحكم الذاتي و ممارسة الحكم عليهم في الوقت نفسه .
    لكن الدول الحديثة تتجه إلى الأعداد الكبيرة لأنها تمثل نصدر قوة عسكرية لها ن رغم أن هناك من يرى أن القوة العسكرية ترتبط بالتقدم التكنولوجي في الوقت الراهن أكثر من حجم السكان . و في الوقت نفسه تثير قضية حجم السكان تساؤلات حول مقدار الموارد المتنافس عليها في المجتمع .
    و من ناحية أخرى يثير تركيب السكان التساؤل التالي : هل يجب أن يكون للدولة مجموعة من السكان المتجانسين في اللغة و الدين و ... الخ ؟ و التجانس يؤكد على الاتفاق حول السياسة و التي تمثل أحد العوامل المؤثرة في الحكومة . أما السكان غير المتجانسين فيتكونون من جماعات قومية متباينة من المفترض أن تقف عقبة أمام تنمية الاتفاق السياسي .
    2- الإقليم : يتطلب القانون أن يكون الإقليم المحدد شرطا من شروط الدولة .
    يرى البعض أن صغر حجم إقليم الدولة يؤدي إلى ازدهار الديمقراطية و قيام علاقات وطيدة بين الحكام و المحكومين ، كما يدعم ذلك روح الوحدة و الاندماج في المجتمع ، لكن هذا الرأي يفقد قيمته أمام تقدم وسائل الاتصال و التي قربت الكثير من المسافات المتباعدة .
    و خلاصة القول أنه لا توجد قاعدة محددة حول حجم إقليم الدولة . كما يجب أن ينظر إلى الإقليم في علاقته بحجم السكان في الدولة ، وعدم التوازن بين هذين العنصرين يؤدي إلى انعدام التوازن البنائي في المجتمع .
    3- الحكومة : وهي أهم مؤسسات النظام السياسي تنصب وظيفتها الرئيسة على تصميم السياسة العامة و الإشراف على تنفيذها . و تظهر الحكومة في المؤسسات الحاكمة و يكون لهذه المؤسسات وجود كامل أو وجود جزئي في ثلاثة فروع أو سلطات أو وظائف داخل النظام السياسي و هي :
    السلطة التنفيذية و هو الفرع المسئول عن اقتراح و تنفيذ السياسة العامة و تشمل رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء و المعاونون الرئيسيون و الوزراء و القيادات و البيروقراطية .
    و السلطة التشريعية و هو الفرع المسئول عن اقتراح و إقرار و مراقبة و تقييم السياسات العامة في شكل تشريعات و قوانين و خطط و يشمل جميع الهيئات النيابية على المستوى الوطني أو المحلي .
    و السلطة القضائية و هو الفرع المسئول عن تطبيق و تفسير القوانين و البت في الخصومات . ويتمتع هذا الفرع عادة بنوع من الاستقلالية الذاتية .
    4- السيادة : تعتبر السيادة خاصية أساسية للدولة و قد كانت نتاجا للظروف التي سادت القرن السادس عشر ، حيث أدى الصراع المتجسد بين الملكية و الكنيسة إلى ظهور النظرية الحديثة للسيادة .
    بينما وضع بودان السيادة في شخص الملك و قصد بها السلطة العليا على المواطنين و الأشياء المدعمة بالقوانين فإن جروثيوس قام بتحليل الجانب الخارجي للسيادة . ولقد تأصلت جذور فكرة السيادة في أذهان المفكرين . فبينما أوضح كل من هوبز و بنتام و أوستين وجهة نظر قانونية للسيادة ، فلقد أوضح كل من روسو و هيجل و بوزانكيت وجهة نظر فلسفية للسيادة. و تعني السيادة من وجهة النظر القانونية هي الدولة التي تتمتع بالسلطة العليا قانونا و سلطتها مطلقة و نهائية . أما روسو و هيجل فقد حددوا موقع السيادة في الإرادة العامة التي تبرر القوة للدولة .
    و يمكن تصنيف أشكال السيادة إلى عدة أنواع :
     السيادة الداخلية و تعني السلطة العليا للدولة التي تمارسها على الأفراد و المؤسسات داخل حدودها الجغرافية، و الدولة ذات السيادة لها الصلاحية القانونية في إصدار الأوامر التي تسري على كل المواطنين و المؤسسات . وأية تمردات على هذه الأوامر تقابل بالعقاب أو الردع .
     السيادة الخارجية و هي تعني حرية الدولة و عدم تعرضها لأية قيود من الخارج و أية سيطرة . وتجدر الإشارة إلى أن السيادة الخارجية تابعة بالمقارنة مع السيادة الداخلية حيث أنها ترتبط بالمعاهدات الدولية ، كما أنها تخضع لقواعد القانون الدولي .
     السيادة القانونية و السيادة السياسية . و التفرقة بينهما يمثل ضرورة أساسية في مناقشة قضية السيادة .
    فالسيادة القانونية تتضمن نظرية السيادة في ضوء القانون الرسمي . إذ أن في كل دولة شخص محدد أو مجموعة من الأشخاص يتمتعون بالسلطة العليا في إصدار الأوامر العليا و النهائية و ممارسة القانون النهائي . وهؤلاء هم أصحاب السيادة القانونية و تصدر أوامرها إلى كل الأفراد و الروابط داخل إقليم محدد و أي تمرد على هذه الأوامر يقابل بالعقاب .
    أما السيادة السياسية فإنها تعني بالمعنى الضيق الهيئة الناخبة بينما تعني بالمعنى الواسع جماهير الشعب بما في ذلك كل شخص يسهم في صياغة الرأي العام سواء كان يدلي بصوته أو لا .
    و الواقع أن مفهوم غامض و مضلل فإذا قصدنا به الهيئة الناخبة فنجد عدد كبير من الأشخاص الذين لا يسهمون كثيرا في تكوين الرأي العام مستبعدين من كيان السيادة السياسية .
    و بالطبع فإن مشكلة الحكم تظهر في العلاقة بين السيادة القانونية و السيادة السياسية ، حيث نجد في الديمقراطية المباشرة قيام الحكم على التطابق بين هاتين السيادتين . ويصبح القانون تعبيرا عن إرادة مجموع المواطنين و تختفي مشكلة الصراع بينهما .
    أما النمط التمثيلي للديمقراطية الذي يسود في العصر الحديث فإن مثل هذه العلاقة تحتل أهمية خاصة . فبينما تنتمي السيادة القانونية إلى الهيئة التشريعية فإن السيادة السياسية تكون في الهيئة الناخبة . و على هذا يتم اختيار السيادة القانونية بواسطة السيادة السياسية .

    ت‌- وظائف الدولة في الفكر السياسي :
    1- أفلاطون : يرى أن ظهور الجماعات المختلفة قد حدث نتيجة للحاجات البشرية التي لا يملك إشباعها إلا حين تطبيق مبدأ التكامل ، حيث لا يستطيع الفرد أن يعيش على أساس الاكتفاء الذاتي و بالتالي يتصور أفلاطون الجماعة نظام للخدمات يقوم فيه كل عضو بقدر من الأخذ و العطاء ، و اختصاص الدولة هي تأطير و تنسيق تبادل الخدمات لإشباع حاجات الأفراد .
    و على هذا فإن أهمية الأفراد تتوقف على قيمة العمل الذي يؤذونه و من تم فإن الحرية التي تكلفها الدولة ليس غرضها تمتع المواطن بإرادة حرة بقدر ما هي لتمكينه من اداء الخدمات المطلوبة منه .
    و من هنا تتحدد وظيفة الدولة في كفالة حرية الاختيار و مراعاة مبدأ تقسيم العمل و التخصص في القيام بالأدوار المختلفة . وقد حاول أفلاطون تحليل الدولة بدرجة أعمق فكشف التحليل عن وجود ثلاث وظائف ضرورية هي إشباع الحاجات الطبيعية و حماية الدولة ، وقد اتبع ذلك ظهور ثلاث طبقات هي : العمال ، الحراس ، الحكام .
    و يمكن تلخيص أراء أفلاطون عن الدولة فيما يلي :
    أن تقسيم العمل و التخصص في المهن شرطا للتعاون الاجتماعي.
    أن مشكلة الملك الفيلسوف هي تنظيم الأمور على أحسن وجه .
    أن أقصى فائدة للدولة هي أقصى فائدة للمواطنين أي أن هدفها هو تحقيق التوافق التام بين الأفراد ز ما يتوقع شغله من وظائف الدولة الهامة .
    2- أرسطو : يعرف أرسطو الدولة بأنها " جماعة ذات تنظيم مشترك " و أعتقد أن الدولة تنشأ نتيجة تطور تاريخي ، أي أنها تمر بعدة مراحل حتى تصل إلى مرحلة الدولة . وقد بدأ دراسته في أصل الدولة بدراسة الأسرة وهي النوع البدائي للمجتمع وقد تكونت الأسرة نتيجة للحاجات الضرورية التي يشعر بها الإنسان ، و هي الحاجة إلى الطعام و المأوى و التناسل . فإذا ما سعى الأفراد إلى تحقيق حاجات جديدة تكون مجتمع القرية و هي إتحاد لعدة أسر ، أما الدولة فإنها المرحلة العليا للمجتمع و تتكون من إتحاد عدة قرى . و تقوم الدولة بتوفير الظروف اللازمة للحياة في المدنية.
    و بهذا يرى أرسطو أن الدولة هي نوع من الجماعة التي تتمثل في إتحاد أفراد مختلفين يستطيعون بحكم ما بينهم من فوارق أن يسدوا حاجاتهم عن طريق تبادل السلع و الخدمات .
    ويؤكد أرسطو في هذا الصدد على ثلاث مقومات للدولة هي :
     الضرورات الأولية للحياة من تغذية و سلاح و عتاد و موارد.
     حجم الدولة التي ينبغي أن تكون متوسطة في السعة.
     رقعة الأرض التي تقع عليها الدولة .
    3- سيشرون : يرى أن الدولة نشأت بشكل طبيعي نتيجة لغريزة الإنسان الاجتماعية و شبه الدولة شركة للمواطنين و توجد لتمدهم بالمساعدات اللازمة مادامت خاضعة لقوانين العدالة .
    4- أوغسطين وتوما الإكويني: يرى أوغسطين في تفسير نشأة الدولة أن البشر قد دخل إلى الأرض نتيجة معصية أدم و هبوطه إلى الأرض و توالده فكثر الناس و تفرقوا إلى طوائف و جماعات كل يسعى اتجاه ما تم تكونت المدن أو الدول بمرور الأيام ، ولقد نشأت في هذا المجال مدينتين ترجع إليهما سائر المجتمعات البشرية هما المدينة الأرضية و مدينة الله . الأولى شريرة و الثانية خيرة كاملة .
    عموما الإكويني فيرى أن الدول نشأت من تجمعات الإنسان ، و هي هيئة موحدة بتنظيم أفرادها . ويرى أن النظام في الجماعات الإنسانية يصدر عن العقل و الإرادة و من تم فهو يقوم على ضرب من التعاقد .
    و يؤكد أن وظائف الدولة تنحصر في أمور أربعة :
     تحقيق الأمن والطمأنينة في الحياة.
     تحقيق النظام و العدالة.
     ترويج الحد الأدنى من الأخلاق.
     حماية الدين .
    5- الفكر الإسلامي : يجب في البداية التفرقة بين نشأة الدولة الإسلامية من ناحية و بين أراء الفلسفة الإسلامية حول نشأة الدولة بصفة عامة .
    فقد تناول المفكرون الإسلاميون موضوع نشأة الدولة و أرجعوها إلى تعدد حاجات الإنسان و عدم قدرته على القيام بها وحده و لجوءه إلى غيره للتعاون من أجل تحقيق الأهداف المشتركة مما أدى في النهاية إلى ظهور المجتمع المنظم أبي الدولة .
    و يتناول الغزالي على سبيل المثال نشأة الدولة موضحا أنها نتيجة للاجتماع البشري فيقول أنها قامت لحفظ العباد من اعتداء بعضهم على بعض . ويقول :" ومعلوم أن السلطنة و الإمارة لو تعطلت لبطل الدين و الدنيا جميعا ،وثار القتال بين الخلق ،وزال الأمن ، وخربت البلاد ، وتعطلت المعايش..."
    و يرى الفارابي أنه لا يمكن يصل الإنسان إلى الكمال الذي تدفعه إليها الفطرة الطبيعية إلا بتعاونه مع غيره من الأفراد. و أن هناك اختلافا في قدرات الأفراد و استعداداتهم و حاجاتهم و بالتالي نشأ ما يسمى " الحقوق و الواجبات " و التخصص حتى يكمل البعض البعض الآخر .
    أما بالنسبة لنشأة الدولة الإسلامية فيمكن تحديدها مراحلها كما يلي :
     بدأت الدعوة إلى الإسلام تم أذن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس جهرا .
     كانت بيعة العقبة الأولى و الثانية بمثابة حجر الزاوية في بناء الدولة الإسلامية .
     وجد المسلمون في المدينة الذي مثلت الإقليم الذي استقروا عليه بأمان ، كما كان نظام الإسلام خير نظام للحكم و نشأت أول حكومة إسلامية كاملة .
     قامت الدولة الإسلامية في المدينة بتنظيم الدفاع و حماية الأمن و نشر العلم و العدل و عقد المعاهدات و إيفاد السفراء. و كان النبي رئيسا لهذه الدولة .
    6- أصحاب نظرية العقد : يمثل نظرية العقد في نشأة الدولة كل من هوبز و لوك و روسو و جاءت أفكارهم كما يلي :
    - توماس هوبز: تميزت حالة الطبيعية الأولى في رأيه بالشك و الريبة و الحروب في كل وقت ، إلا أنه بمرور الوقت فقد أدرك الناس أن الحرب أسوء الشرور و اتفقوا على التنازل عن حقوقهم كاملة ليد رجل و أحد يملك كل الحقوق و يقوم هو بصيانة الأمن و تحقيقه . و هكذا نشأ المجتمع و الدولة . و يستطرد في بقوله أن الدولة تأتي إلى الوجود بطريقتين ، الأولى بواسطة المؤسسات التي يتخذ بواسطتها الناس تلقاء ذاتهم . وبالثاني بواسطة حق التملك و هما يحملان معنى العقد . وتقوم الدولة بصفة أساسية برعاية الأمن و تحقيق الطمأنينة لأبناء الشعب .
    - جون لوك : يحدد جون لوك نشأة الدولة في عدة نقاط هي :
    - أن حالة الطبيعية الأولى حالة سلام و أمان تسود فيها علاقات التعاون المتبادل ، و يعيش الناس في حرية تامة لا يحكمهم إلا القانون الطبيعي الفطري ، و الناس متساوون في الحياة و الحرية و الملكية .
    - إن نقطة الضعف في حالة الطبيعية هو الافتقار إلى عنصر السيادة المنظم و المنفذ الطبيعي بين الناس .
    - حيث أنه لم يمكن تنظيم و تدعيم حياة و حرياتهم فقد تعاقد الناس و اتفقوا بإرادتهم الحرة على تكوين مجتمع سياسي . طرفاه الشعب من جهة و الحكومة أو الملك من جهة اخرى فالتعاقد من أجل إنشاء الدولة كان بين الطرفين .
    - أن العقد الاجتماعي يضمن الموافقة من جانب الأغلبية على التنازل عن جزء من حقوقهم الطبيعية فيما يتصل بالدفاع عن أنفسهم و معاقبة الخارجين عن القانون الطبيعي إلى المجتمع ككل ، فالتنازل غير مطلق .
    - جون جاك روسو : يرى أن الدولة جاءت نتيجة للتعاقد بين الأفراد . فيبدأ أفكاره بتحليله للطبيعة الإنسانية حيث يرى أن الإنسان خير بطبعه و بسيطا و عاطفيا . و تتمثل هذه الحالة أساسا للحرية الكاملة و المساواة و حالة الطبيعة هي المفضلة للمجتمع المدني ، إلا أن زيادة عددا السكان و التقدم الاقتصادي أدخلا الصراع و التوترات في حالة الطبيعة و أدى إلى عدم التكامل . كما أدى التقدم الاقتصادي النامي إلى ظهور نسق الملكية و تفكير الإنسان في هذا الإطار و بالتالي أصبحت الطبيعة الإنسانية أكثر تعقيدا و ظهر الصراع و العداء و بالتالي فقدان الأمان . ومن هنا ظهرت الحاجة على الذات الإنسانية و من تم بحث الإنسان عن العقد الذي يعني أن يضع كل إنسان نفسه و قوته تحت توجيه الإرادة العامة مكان السيادة .

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 2:22 am